فصل: صفة الاغتسال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.1- الرقية الشرعية:

وهي ما اجتمع فيها ثلاثة شروط:
أن تكون بكلام الله تعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أو بهما معاً، فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية.
أن تكون باللسان العربي، أو بما يُعرف معناه من غيره.
أن يعتقد أن الشافي هو الله وحده، والرقية لا تؤثر بذاتها، بل بقدرة الله تعالى.

.2- تناول الدواء المباح شرعاً:

مما جعله الله سبباً للشفاء والعافية كالعسل، والعجوة، والحبة السوداء، والحجامة ونحوها.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ». أخرجه البخاري.
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَصَبّحَ بِسَبْعِ تَمرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ سُمّ وَلاَ سِحْرٌ». متفق عليه.
وفي لفظ: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمرَاتٍ مِمّا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ، لَمْ يَضُرّهُ سُمّ حَتّىَ يُمْسِيَ». أخرجه مسلم.
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنّ فِي الحَبّةِ السّوْدَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلّ دَاءٍ، إِلاّ السّامَ». متفق عليه.
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ». أخرجه أبو داود.

.صفة الرقية الشرعية:

الأفضل للمسلم أن يكون على طهارة دائماً، فيتوضأ الراقي، ثم يبدأ بالقراءة على صدر المريض أو رأسه أو في أي عضو من أعضائه، يرتل الآيات، وينفث على المريض بما تيسر من القرآن ومن ذلك:
سورة الفاتحة.. وآية الكرسي.. وخواتيم سورة البقرة.. وسورة الكافرون.. وسورة الإخلاص.. والمعوذتان.. وآيات السحر والجان ومنها:
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ [117] فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [118] فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ [119] وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ [120] قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [121] رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [122]} [الأعراف:117- 122].
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ [79] فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ [80] فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [81] وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [82]} [يونس:79- 82].
{قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى [65] قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [66] فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى [67] قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى [68] وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [69] فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى [70]} [طه:65- 70].
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [102]} [البقرة:102].
{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا [1] فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا [2] فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا [3] إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ [4] رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ [5] إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ [6] وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ [7] لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ [8] دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ [9] إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [10]} [الصافات:1- 10].
{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [29] قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ [30]} [الأحقاف:29- 30].
{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ [33] فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [34] يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ [35] فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [36]} [الرحمن:33- 36].
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ [115] فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [116]} [المؤمنون:115- 116].
ثم يدعو بالأدعية النبوية الصحيحة كما سيأتي في رقية العين إن شاء الله تعالى.

.9- رقية العين:

العين: هي سهام مسمومة تخرج من نفس الحاسد إلى المحسود.

.كيفية الإصابة بالعين:

العين التي تصيب بني آدم نتيجة من نتائج الحسد، أو انبهار شديد بما يرى العائن، مع غفلة عن ذكر الله تعالى، وقد يتبعها شيطان من شياطين الجن.
والعين تصيب المحسود تارة، وتخطئه تارة، فإن صادفته حذراً محصَّناً لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه، وإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه أثرت فيه ولابد.
وتحصل الإصابة بالعين بأن يطلق العائن الوصف على من يريد بدون ذكر اسم الله تعالى ولا تبريك، فتتلقفه الأرواح الشيطانية الحاضرة، وتعمد إلى إهلاك المعيون أو إيذائه، لكن ذلك لا يحصل إلا بإذن الله عز وجل.

.علاج من أصابته العين:

من أصابته عين الحاسد فله حالتان:

.الأولى: إن عرف العائن فعليه أن يأمره بالاغتسال:

وعلى العائن أن يمتثل ويغتسل طاعة لله ورسوله، ورحمة بأخيه المصاب، ثم يؤخذ الماء الذي اغتسل فيه العائن، ويُصب من خلف المَعِين دفعة واحدة، فيبرأ بإذن الله تعالى.
عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العَيْنُ حَقّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا». أخرجه مسلم.

.صفة الاغتسال:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الخَزَّارِ مِنَ الجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلاً أَبْيَضَ حَسَنَ الجِسْمِ وَالجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقال: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ وَلاَ جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فَلُبِطَ بِسَهْل، فَأُتِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ وَالله مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ. قال: «هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَدَعَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَامِراً فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقال: «عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ هَلاَّ إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ؟» ثُمَّ قال لَهُ: «اغْتَسِلْ لَهُ» فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ المَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ القَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. أخرجه أحمد وابن ماجه.

.الثانية: إذا لم يعرف العائن فيُرقى المريض بالقرآن:

والأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع حسن الظن بالله، ويقين القارئ والمقروء عليه على أن الشافي وحده هو الله عز وجل، وأن القرآن شفاء من كل داء.
ويرقيه بما تيسر من القرآن والأدعية النبوية الصحيحة ومن ذلك:
الفاتحة، وآية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، وسورة الإخلاص، والمعوذتان، وإن شاء قرأ:
{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [137]} [البقرة:137].
{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ [51]} [القلم:51].
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا [54] فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا [55]} [النساء:54- 55].
{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [81] وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [82]} [الإسراء:81- 82].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [57] قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [58]} [يونس:57- 58].
{قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ [75] أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ [76] فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ [77] الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ [78] وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ [79] وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [80] وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ [81] وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [82]} [الشعراء:75- 82].
وغير ذلك مما تيسر من القرآن الكريم.
ثم يدعو بالأدعية النبوية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها:
«اللَّهمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَماً». متفق عليه.
«بِاسْمِ الله أَرْقِيكَ، مِنْ كُلّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرّ كُلّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِد، اللهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ الله أَرْقِيكَ». أخرجه مسلم.
«امْسَحِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ». أخرجه البخاري.
«أعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ». أخرجه البخاري.
«أَعُوذ بكَلِمَاتِ الله التَّامَّات مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ». أخرجه مسلم.
«بِاسْمِ الله (ثَلاَثاً) أَعُوذُ بِالله وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» سَبْعَ مَرّاتٍ، واضعاً يده على مكان الألم. أخرجه مسلم.
«أَسْأَلُ اللهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ». أخرجه أبو داود والترمذي.
«بِاسْمِ الله يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَشَرّ كُلّ ذِي عَيْنٍ». أخرجه مسلم.
نسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين الشفاء العاجل من كل داء وسقم.

.الباب السابع: كتاب الأدعية:

ويشتمل على ما يلي:
أحكام الدعاء.
فضائل الدعاء.
آداب الدعاء.
أفضل المواطن التي يستجاب فيها الدعاء: ويشمل:
أفضل أوقات الدعاء.
أفضل أماكن الدعاء.
أفضل الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء.
الأدعية الواردة في القرآن والسنة: وتشمل:
الدعاء من القرآن الكريم.
الدعاء من السنة النبوية الصحيحة.

.1- أحكام الدعاء:

الدعاء: هو سؤال العبد ربه حاجته.

.حكم الدعاء:

الدعاء مشروع كل وقت، ومندوب إليه في كل آن، لم يجعل الله له حداً محدوداً، ولا زماناً موقوتاً.
قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [60]} [غافر:60].

.أنواع الدعاء:

الدعاء نوعان:
دعاء ثناء: وهو التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته في حصول محبوب، أو دفع مكروه، أو كشف ضر كما قال سبحانه: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [87] فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [88]} [الأنبياء:87- 88].
دعاء المسألة: وهو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع، أو كشف ضر.
قال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [16]} [آل عمران:16].
والدعاء هو العبادة، وكل واحد من النوعين مستلزم للآخر، متضمن له.

.أفضل الدعاء:

أفضل الدعاء ما جمع بين التضرع والخفية.
فإخفاء الدعاء أكمل إيماناً وإخلاصاً، وأبلغ في الخضوع والخشية، وأعظم في الأدب والتوقير لله عز وجل، وأقوى في جمعية القلب على الله سبحانه، وأدعى إلى دوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يمل، والجوارح لا تتعب.
وإخفاء الدعاء يدل على قرب صاحبه من ربه.
قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [186]} [البقرة:186].
وقال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [55]} [الأعراف:55].

.أفضل دعاء الخلق:

أفضل دعاء الخلق دعاء الأنبياء والرسل، وكله ليس فيه طلب لعَرَض من أعراض الدنيا؛ بل كله لطلب الإيمان والعلم النافع، والعمل الصالح، والفوز بالجنة والرضوان، والنجاة من النار.
فهذا دعاء القلوب التي عرفت ربها وفاطرها، وعرفت ما عنده من الخير والنعيم، فأصبحت تحتقر ما عداه، كما قال سليمان عليه السلام: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [19]} [النمل:19].

.أفضل ما يسأله العبد ربه:

أمرنا الله عز وجل أن نسأله كل شيء من خيري الدنيا والآخرة.
وأعظم ما يسأل العبد ربه إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وأنفع الدعاء طلب العون على مرضاة الله.
فهذا أجلّ المطالب، ونيله أشرف المواهب.
وحتى يستجاب هذا الدعاء، علّمنا الله كيف نسأله.
فأمرنا أن نقدم بين يدي سؤالنا حمد الله، والثناء عليه، وتمجيده، ثم الإقرار بعبوديته وتوحيده، فهذا لا يكاد يرد معه الدعاء كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [2] الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [3] مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [4] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [5] اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [6]} [الفاتحة:2- 6].
وأمهات مطالب السائلين من رب العالمين أربع:
إما خير موجود: فيُطلب دوامه وثباته، وأن لا يُسْلَبه كالإيمان والأعمال الصالحة.
وإما خير موعود: فيُطلب حصوله كالوصول إلى الجنة.
هذا ما يتعلق بالخير، أما الشر فنوعان:
شر موجود: فيَطلب من ربه رفعه كالذنوب والسيئات.
والذنوب والسيئات إذا افترقا فمعناهما واحد، وإذا اجتمعا فالمراد بالذنوب الكبائر، والمراد بالسيئات الصغائر.
شر معدوم: فيَطلب بقاءه على العدم، والنجاة منه كالنار والمصائب.
وقد ذكر الله هذه المطالب كلها في قوله سبحانه: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ [193] رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [194] فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [195]} [آل عمران:193- 195].

.ما يجوز من الدعاء وما لا يجوز:

الدعاء على ثلاثة أضرب:
دعاء أمر الله العبد به إما أمر إيجاب، أو أمر استحباب كالأدعية الواردة في العبادات وغيرها مما ورد في القرآن والسنة، فهذا يحبه الله ويرضاه ويثيب عليه.
دعاء نهى الله العبد عنه كالاعتداء في الدعاء.
مثل أن يسأل العبد ما هو من خصائص الرب، كأن يسأل الله أن يجعله بكل شيء عليم، أو على كل شيء قدير، أو يطلعه على الغيب ونحو ذلك.
فهذا الدعاء لا يحبه الله، ولا يرضاه.
دعاء مباح كأن يسأل العبد الفضول التي لا معصية فيها.

.حكم طلب الدعاء من الناس:

الأصل أن يدعو كل مسلم بنفسه لنفسه ولغيره.
ويجوز طلب الدعاء من الفاضل الحي لعارض وسبب.
قال الله تعالى: {قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ [97] قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [98]} [يوسف:97- 98].
وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إذْ قَامَ رَجُلٌ فَقال: يَا رَسُولَ الله، هَلَكَ الكُرَاعُ، وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللهَ أنْ يَسْقِيَنَا. فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا. متفق عليه.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ امَرْأَةً سَوْدَاءَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ لِي، قَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ» قَالَتْ: أَصْبِرُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. متفق عليه.